تتبعنا
المتكلمين
|
|
|
|
هل من طبيعة جديدة؟ |
الشهيد كبريانوس |
|
المولود من الجسد جسد هو، والمولود من الروح هو روح (يو 3: 6).
|
في عرضٍ رائعٍ، يقدم لنا الشهيد كبريانوس خبرته العملية بخصوص معموديته، قائلاً: [إنني مثلك، ظننت مرة إنني كنت حرًا، مع إنني كنت أسيرًا، مقيدًا في ظلمةٍ روحية. نعم كنت حرًا، أحيا كيفما أشاء. لكنني كنت في فراغٍ إلى زمنٍ طويلٍ. كنت أبحث علي الدوام عن شيءٍ أؤمن به. مع تظاهري بأنني واثق من نفسي، كنت كموجةٍ تلطمها الرياح. كنت أيضًا اَنجذب إلى كل أمور هذه الحياة، معتزًا بالممتلكات والسلطة. بينما كنت أعرف في قلبي أن كل هذه الأمور ليست إلاَّ كفُقَّاعة علي البحر، تظهر الآن ثم تتفجر لتزول إلى الأبد. مع تظاهري باليقين الخارجي، كنت أعرف أنني مجرد تائه في الحياة، ليس لي خطة أسلكها، ولا مسكن تستقر فيه نفسي. يمكنك أن ترى إنني لم أعرف شيئًا عن الحياة الحقيقية، الحياة الجديدة المقدمة لنا من فوق. لأنني كنت أبحث عن الحق خلال خبراتي الذاتية، معتمدًا علي طرق منطقي الذاتي، لذا بقي الحق مراوغًا. وإذ اعتمدت علي فهمي الذاتي، كان نور الحضرة الحقيقية لله مجرد إشراقة بعيدة. سمعت أن رجالاً ونساءً يمكنهم أن يولدوا من جديد، وأن الله نفسه أعلن طريق تحقيق هذا الميلاد الجديد بالنسبة لنا، وذلك لمحبته للخليقة التائهة مثلي. في البداية ظننت أن هذا مستحيل. كيف يمكن لشخصٍ مثلي عالمي وعنيف أن يتغير ويصير خليقة جديدة؟ كيف يمكن لمن هو مثلي أن يعبر من تحت المياه، ويعلن أنه قد وُلد من جديد؟ هذا بالنسبة لي أمر غير معقول، أن أبقى كما أنا جسمانيًا، بينما يتغير صُلب كياني ذاته، وأصير كأنني إنسان جديد. لم أرد أن أترك عدم إيماني، ومقاومتي لهذه الفكرة بأنني أولد من فوق. لقد اعترضت: نحن من لحمٍ ودمٍ، مسالكنا طبيعية، غريزية، مغروسة بحق في أجسامنا. إننا بالطبيعة نقدم أنفسنا على الغير، ونسيطر ونتحكم ونصارع لكي نغلب الآخرين، مهما تكن التكلفة. توجد بعد ذلك عادات اَقتنيناها حتى وإن كانت تضرنا، صارت هذه العادات جزءً منا، كأنها أجسامنا وعظامنا. كيف يُمكن لشخصٍ أحب الشرب والولائم أن يصير ضابطًا لنفسه ومعتدلاً؟ كيف يمكنك أن تستيقظ صباحًا ما وبمسرةٍ ترتدي ثوبًا بسيطًا، وقد اعتدت علي الملابس الفاخرة وما تجلبه من الأنظار والتعليقات؟ كيف يمكنك أن تحيا ككائنٍ متواضعٍ، بينما قد نلت كرامة في أعين الجماعة؟. هكذا كان تفكيري الطبيعي، إذ كنت في عبودية لأخطاء لا حصر لها تسكن في جسمي. بالحقيقة يئست من إمكانية التغيير. فقد تكون تلك العادات مضرة، لكنها كانت جزءً مني. لذلك كان التغير مستحيلاً، فلماذا أصارع؟ فإنه كان لي أن أُشبع رغباتي بتدليلٍ. ولكن. في يوم أخذت خطوة وحيدة بسيطة وضرورية متجهًا نحو الله. تواضعت أمامه، وكطفلٍ قلت: "أؤمن". نزلت تحت المياه المباركة. فغسلَت مياه الروح الداخلية وسخ الماضي، وكأن بقعة قذرة قد أُزيلت من كتانٍٍ فاخرٍ، بل وحدث ما هو أكثر. أشرق نور عليَّ كما من فوق. اغتسلت في سلامٍ لطيفٍ. تطهرت في الحال. قلبي المظلم يتشبع بحضرته، وعرفت. عرفت. أن الحاجز الروحي القائم بيني وبين الله قد زال. تصالح قلبي وقلبه. أدركَت الروح، نسمة الآب، قد حلّ فيَّ من هو فوق هذا العالم. وفي تلك اللحظة صرت إنسانًا جديدًا. منذ ذلك الحين وأنا أنمو في معرفة كيف أحيا بطريقٍ ينعش حياتي الجديدة المعطاة لي ويعينها. ما كنت أتشكك فيه صار لازمًا أن أتعامل معه بكونه الحق واليقين. ما كنت أخفيه يلزم أن يخرج إلى النور. نتيجة هذا ما كنت أسيء فهمه بخصوص الله والعالم الروحي، بدأ يصير واضحًا. وأما عن عاداتي الخاصة بإنساني القديم، فقد تعلمت حسنًا كيف تتغير. حيث تُعاد خلقة هذا الجسد الأرضي بواسطة الله. أنمو يوميًا علي الدوام، صرت أكثر قوة وحيوية في روح القداسة. الآن أخبرك ببساطة الخطوة الأولى في طريق الروح: قف أمام الله كل يومٍ بوقارٍٍ مقدسٍ، كطفلٍ بريءِ ثق فيه. هذا الاتجاه يحمي نفسك. يحفظك من أن تصير مثل الذين إذ ظنوا أنهم متأكدون أن يخلصوا وقد صاروا مهملين. بهذا فإن عدونا القديم، الذي يتربص دومًا، أسرهم من جديد. لتبدأ اليوم أن تسير في طريق البراءة، الذي هو طريق الحياة المستقيمة أمام الله والإنسان. لتسر بخطوة ثابتة. أقصد بهذا أنك تعتمد علي الله بكل قلبك وقوتك. ألا تشعر به، الآب، إذ هو موجود حولك؟ أنه يود أن يفيض عليك. فقط اذهب إليه وأنت متعطش للحياة الجديدة. افتح الآن نفسك واختبر نعمته، التي هي الحرية والحب والقوة، تنسكب عليك من أعلى، تملأك وتفيض. افتح نفسك أمامه الآن، هذا الذي هو أبوك وخالقك. كن مستعدًا أن تنال الحياة الجديدة وتمتلئ بها. هذه التي هي الله نفسه . ] لتدخل إلى جرن المعمودية، إنه رحم الكنيسة الذي ولدك ابنًا لله الآب. روحي الناري انتزعك من البنوة لإبليس، ووهبك بنوة سماوية فائقة. بالنعمة صرتَ ابنًا لله عوض البنوة لعدو الخير! عِوض العبودية المرة لأبٍ قاسٍ وقتّال، تمتعت بحرية مجد أولاد الله! تمتعت بغسل أعماقك الداخلي. تمتعت بحياتي المُقامة.
|
|
|
|
|
قصة العدد
|
أراد أحد المتفوقين أكاديميا من الشباب أن يتقدم لمنصب إداري في شركة كبرى.
وقد نجح في أول مقابلة شخصية له, حيث قام مدير الشركة الذي يجري المقابلات بالانتهاء من
آخر مقابلة واتخاذ آخر قرار.
وجد مدير الشركة من خلال الإطلاع على السيرة الذاتية للشاب أنه متفوق أكاديميا بشكل كامل
منذ أن كان في الثانوية العامة وحتى التخرج من الجامعة, لم يخفق أبدا !
سأل المدير هذا الشاب المتفوق: "هل حصلت على أية منحة دراسية أثناء تعليمك؟"
أجاب الشاب: "أبدا"
فسأله المدير: "هل كان أبوك هو الذي يدفع كل رسوم دراستك؟"
فأجاب الشاب: "أبي توفي عندما كنت بالسنة الأولى من عمري, إنها أمي التيي تكفليت بكيل
مصاريف دراستي".
فسأله المدير: "وأين عملت أمك؟"
فأجاب الشاب:" أمي كانت تغسل الثياب للناس"
حينها طلب منه المدير أن يريه كفيه, فأراه إياهما ... فإذا هما كفين ناعمتين ورقيقتين.
فسأله المدير:"هل ساعدت والدتك في غسيل الملابس قط؟"
أجاب الشاب:" أبدا, أمي كانت دائما تريدني أن أذاكر وأقرأ المزيد من الكتب, بالإضافة إلى أنها
تغسل أسرع مني بكثير على أية حال !"
فقال له المدير:" لي عندك طلب صغير ... وهو أن تغسل يدي والدتك حالما تذهب إليها, ثيم
عد للقائي غدا صباحا"
حينها شعر الشاب أن فرصته لنيل الوظيفة أصبحت وشيكه ... وبالفعل عنيدما ذهيب للمنيزل
طلب من والدته أن تدعه يغسل يديها وأظهر لها تفاؤله بنيل الوظيفة .
الأم شعرت بالسعادة لهذا الخبر, لكنها أحست بالغرابة والمشاعر المختلطة لطلبه, ومع ذليك
سلمته يديها ...
بدأ الشاب بغسل يدي والدته ببطء , وكانت دموعه تتساقط لمنظرهما ... كانت المرة الأولى
التي يلاحظ فيها كم كانت يديها مجعدتين, كما أنه لاحظ فيهما بعض الكدمات التي كانت تجعل
الأم تنتفض حين يلامسها الماء ... كانت هذه المرة الأولى التي يدرك فيها الشاب أن هاتين
الكفين هما اللتان كانتا تغسلان الثياب كل يوم ليتمكن هو من دفع رسوم دراسته, وأن
دنيا الطفل
85
الكدمات في يديها هي الثمن الذي دفعته لتخرجه وتفوقه العلمي ومستقبله.
بعد انتهائه من غسل يدي والدته, قام الشاب بهدوء بغسل كل ما تبقى من ملابس عنها.
تلك الليلة قضاها الشاب مع أمه في حديث طويل.
وفي الصباح التالي توجه الشاب لمكتب مدير الشركة والدموع تملأ عينيه,
فسأله المدير: "هل لك أن تخبرني ماذا فعلت وماذا تعلمت البارحه في المنزل؟"
فأجاب الشاب: "لقد غسلت يدي والدتي وقمت أيضا بغسيل كل الثياب المتبقية عنها"
فسأله المدير عن شعوره بصدق وأمانه.
فأجاب الشاب: أدركت معنى العرفان بالجميل, فلولا أمي وتضحيتها لم أكن ما أنا عليه الآن من
التفوق ... وبالقيام بنفس العمل الذي كانت تقوم به, أدركت كم هو شاق ومجهد القيام ببعض
الأعمال ... كما أدركت أهمية وقيمة العائلة."
عندها قال المدير: "هذا ما كنت أبحث عنه في المدير الذي سأمنحه هذه الوظيفة, أن يكيون
شخصا يقدر مساعدة الآخرين والذي لا يجعل المال هدفه الوحيد من عمله ... لقد تم توظيفك
يا بني"
فيما بعد, قام هذا الشاب بالعمل بجد ونشاط وحظي باحترام جميع مساعديه.
كل الموظفين عملوا بإتقان كفريق, وحققت الشركة نجاحا باهرا.
|
|
|
|
|