|
|
الطبع العدواني |
قداسة البابا شنودة الثالث |
|
يوجد شخص عدواني بطبعه Aggressive هو دائما يحارب ويعارك، ولا يستطيع أن يهدأ. ومثل هذا الإنسان تجده دائمًا متحفزًا، مستعدًا للهجوم. إن تكلمت معه، يبحث أن يوجد الخطأ في كلامك، لكي يرد عليه. بل يكون مستعدًا للرد قبل أن يتكلم اٍنه باستمرار يتوقع الشر، ويتوقع الخطأ من الناس. ومن الصعب عليه أن يثق بأحد ويمدح أحدًا وإن مدح أحدًا، فلسياسة، وليهاجم به غيره، ولا يثبت مطلقا في مديح أحد، بل سرعان ما ينقلب عليه ويذمه. الطبع العدواني، له النظرة السوداوية، والعين النقادة والفكر النقاد، واللسان الشديد الألفاظ والطبع العدواني تجده حاد المزاج، عصبي التصرف، يثور بسرعة، ويغضب بسرعة، ويحتد، ويعلو صوته، ويهاجم. لذلك فالطبع العدواني لا يحب الوداعة، بل يعتبرها طراوة في الطبع، ولا يحب الرقة واللطف، ويغطى حدته بمدح الحزم والجدية. والجدية في مفهومه تحمل باستمرار ملامح العبوسة، والشدة في التعبير. الطبع العدواني لا يعالج الأمور بالروية والهدوء، إنما بالعنف ويرى أن المشرط أهم من الأقراص! والإنسان الذي له طبع عدواني، لا يستطيع أن يخضع لرئيس ومرشد، بل قد يهاجم أيضًا جميع الرؤساء والمرشدين، ماداموا لا يسلكون بأسلوبه. وفى نفس الوقت الذي لا يخضع فيه لأحد، يطلب الخضوع من كل من يتصل به، ولو كان أكبر منه. البعض يسمى الطبع العدواني بالطبع الناري. والتعامل معه ليس سهلًا، حتى في محيط الأسرة، سواء كان أبًا أو ابنًا أو زوج. قد يصل العدواني إلى الشجار والضرب، وربما إلى القتل. وفي المحيط الديني قد يقتل بلسانه ونقده. إن كنت عدوانيًا تذكر أن المسيح كان (لا يخاصم ولا يصيح، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ).
|
|
|
ثمن المعجزة
|
وقفت توتو عند باب حجرة أخيها المريض توني وهي تتابع الحوار الذي دار بين والديها. قال
الأب: ماذا نفعل؟ إنه على أبواب الموت. لابد من إجراء عملية سريعة في المخ ونحن لا نملك شيئًا! حياته في خطر، من ينقذ ابننا؟
أجابت الأم والدموع في عينيها: "الأمر يحتاج إلى معجزة!"
لم تحتمل توتو هذا المنظر بل انطلقت بسرعة إلى حجرتها وفتحت حصالتها التي كانت تضع فيها ما يتبقى من مصروفها، وإذ بها تجد جنيهًا وربع. صارت تعد المبلغ ثلاث مرات لتتأكد من المبلغ فإذا به جنيه وربع.
لم تستأذن والديها بل بسرعة البرق انطلقت إلى الصيدلية التي بجوار منزلها.
هناك وجدت الصيدلي يتحدث مع أحد العملاء، وإذ طال الحديث بينهما ولم يهتم الصيدلي بالطفلة توتو التي كانت في الثامنة من عمرها نقرت بإصبعها على مكتب الصيدلي. باستخفاف تطلع إليها وسألها ماذا تريدين؟
أجابت توتو: "معجزة!"
في دهشة قال لها الصيدلي: "ماذا تريدين؟"
أجابت: "أريد أن أشتري معجزة لشفاء أخي!"
في استخفاف قال: "لسنا نبيع معجزات".
سألته: "أين أجد المعجزة لأشتريها؟"
قبل أن يجيب الصيدلي إذا بالعميل يقول لها: "كم من المال معكِ؟"
أجابت توتو: "معي جنيه وربع، هو كل ما أملكه".
ابتسم العميل وسألها: "لماذا تريدين شراءها؟"
قالت: "لأخي المريض". فسألها عن أخيها وعرف منها أنه محتاج إلى عملية في المخ. عندئذ مدّ يده وسألها أن تقدم له ما لديها من المال، ثم قال لها: "إن ثمن المعجزة هو جنيه وربع".
انطلق معها العميل وقد ظنّت أنه سيذهب معها إلى صيدلية أخرى ليشتري لها المعجزة، لكنه سألها عن عنوان بيتها. هناك تعرّف على والديها وحمل الطفل إلى المستشفى الخاصة به وأجرى للطفل العملية إذ كان هو أكبر جراح متخصص في المخ في المدينة.
نجحت العملية وعاد الطفل إلى بيته وكان الكل يشكر الله على عمله معهم. قالت الأم للأب: "نشكر الله الذي أرسل لنا هذا الطبيب في الموعد المناسب لإجراء العملية مجانًا، إنها معجزة!"
تدخلت توتو وقالت لوالدتها: "لقد دفعت له ثمن المعجزة أعطيته كل ما أملك، جنيهًا وربع فاشتريت بها المعجزة".
احتضنت الأم ابنتها وأخبرتها مفهوم المعجزة، وان الله هو الذي دبّر كل هذا لشفاء أخيها، أما ثمن المعجزة فهو حبها لأخيها وصلاتها من أجله وتقديم كل ما لديها من أجله. ركع الاثنان يشكران الله على محبته الفائقة للبشر.
هب لي يا رب روح الحب للكل،
هب لي يا رب روح البذل من أجل كل أحدٍ.
هب لي يا رب إيمان الطفل.
فاقتني حبك وأتمتع بمعجزاتك.
|
|
|
|